التحكيم: (القرار عدد 3/1 الصادر بتاريخ 03 01 2013 في الملف عدد 2011/3/1/1500)

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Email

(القرار عدد 3/1 الصادر بتاريخ 03 01 2013 في الملف عدد 2011/3/1/1500)

رقابة القاضي المانح للصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي لا تقتصر على عدم مساسه بالنظام العام، وإنما تمتد لعدم بته في مادة غير تحكيمية ، أو تجاوزه اتفاق التحكيم أو عدم تثبته من صفة أطرافه ، أو عدم احترامه حقوق دفاعهم .

لكن حيث إن رقابة القاضي المانح للصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي في ظل القانون الملغى او القانون الجاري به العمل , لا تقتصر فقط على ما تعلق بعدم مساس مقتضياته بمفهوم النظام العام وإنما تمتد حتى لمراقبة عدم بته في مادة غير تحكيمية وخرقه أو تجاوزه لسند التحكيم , وتثبته من صفة أطراف سند التحكيم , واحترامه حقوق دفاعهم والاجراءات الشكلية الاخرى ، ولما كان التدليس المبرر لطلب إعادة النظر حسب مفهوم الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية , هو ذلك الذي يكتشف بعد صدور الحكم المطعون فيه , لا الذي كان معلوما قبله , فان التدليس المدعى به موضوع الدعوى الماثلة كان مكتشفا قبل صدور الحكم التحكيمي المطعون فيه بإعادة النظر , وكان في متناول الطالب التمسك به أمام القاضي المانح للصيغة التنفيذية الذي له حق بسط رقابته على الحكم التحكيمي الصادر متأثرا به , ولذلك كانت المحكمة على صواب فيما نحت اليه من « أن الأمر لا يتعلق بالتدليس المعتمد في مفهوم الفصل 402 من ق م م , وإنما يندرج تحت رقابة القاضي المانح للصيغة التنفيذية » ولم تخلط بين الطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي , ورقابة قضاء التذييل بالصيغة التنفيذية عليه ومن ثم لم يخرق قرارها أي مقتضى وأتى معللا بشكل سليم , والسبب على غير أساس . 

وفي شأن السبب الثاني الذي ينعى فيه الطاعن على القرار فساد التعليل المعتبر بمثابة انعدامه وخرق الفصل 402 من ق م م في فقرته السادسة وخرق القواعد الأساسية للمسطرة بدعوى « أن التناقض المبرر لإعادة النظر هو الذي يكون بين حكمين انتهائيين , والحال ان التناقض المتمسك به , يتعلق بحكم تحكيمي مذيل بالصيغة التنفيذية وآخر لم يحصل بعد على الحكم التحكيمي القابل للتنفيذ » , في حين هذه التفرقة التي جاءت بها المحكمة لا تستند على أساس فقهي أو قضائي , علما أن نظام التحكيم يعمل على ضمان المستقبل التنفيذي للحكم التحكيمي مع عدم جواز الطعن فيه بالاستيناف , وجواز ذلك بطريق إعادة النظر , وإمكانية الطعن في الأمر بالتنفيذ بالاستئناف والنقض , وهو ما يفيد أن الحكم التحكيمي يعد نهائيا بالنسبة للمحكوم عليه , مادام منح الصيغة التنفيذية يعتبر مجرد إجراء شكلي يعطيه قوة التنفيذ نظرا لطبيعته , مما يكون معه الحكمان التحكيميان قد صدرا بصفة نهائية , وتوفرا معا على الشروط المنصوص عليها بالفصل 402 المذكور خلاف ما نحا اليه القرار المطعون فيه مما يتعين نقضه . 

لكن حيث إنه بمقتضى الفقرة السادسة من الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية : « يمكن ان تكون الأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض والاستيناف موضوع إعادة النظر ممن كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعي بصفة قانونية للمشاركة فيها وذلك إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائيين ومتناقضين , وذلك لعلة عدم الاطلاع على حكم سابق أو لخطأ واقعي » ومؤداه ان هذه الامكانية مخولة للطرف لتجنب تنفيذ حكم انتهائي ما يعارض ما هو محكوم به في حكم انتهائي آخر قابل للتنفيذ لم يطلع عليه أو صدر نتيجة خطا في الواقع , غير أنه يتضح مما تم عرضه على قضاة الموضوع أن الحكم التحكيمي الانتهائي الأول الصادر عن المحكمين جوزيف بارزلاي ومحمد المرئيسي المعزز برأي المحكم المرجح محمد العلمي المشيشي الادريسي , لا يتوفر فيه شرط القابلية للتنفيذ , الذي يجعل إمكانية التناقض التي لا تجيز تنفيذ حكم انتهائي مع وجود حكم انتهائي آخر مخالف له , قائمة , بدليل صدور حكم قضائي سحب عن الحكم التحكيمي المذكور قابليته للتنفيذ وطالب أطرافه بإعادة التحكيم لكون المحكم المرجح أرجعهم لمرحلة الصفر , وبذلك لا تتوفر في الطعن بإعادة النظر شروط الفصل 402 من ق م م في فقرته السادسة , وهذه العلة القانونية المستمدة من الوقائع الثابتة لقضاة الموضوع , تقوم مقام العلة المنتقدة ويستقيم القرار بها و السبب على غير أساس . لأجلـه قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالب الصائر .